طارق بن زياد Admin
المساهمات : 732 تاريخ التسجيل : 06/07/2013
| موضوع: ما موقع الأسرة من إصلاح التعليم؟ 7/24/2014, 17:05 | |
| ما موقع الأسرة من إصلاح التعليم؟ باعتبارنا أساتذة، كثيرا ما نقرأ كتبا من الحجم الكبير حول دور المدرسة في حياة الفرد، أو نحضر ندوات من عدة أيام حول أهمية التعليم في الارتقاء بالمجتمعات، أو نشاهد برامج متعددة الحلقات حول فائدة طلب العلم في تنشئة الأجيال وفق ما يعتبره المجتمع من صلاح المواطنة، أو نتلقى تكوينات أساسية وأخرى مستمرة وبمراحلها المتتالية والمتنوعة بهدف تمكيننا من الآليات المساعدة على تحقيق الغايات الكبرى من التعليم، والمرامي العامة من التربية، والأهداف الخاصة بالمواضيع، والمراحل المتعلقة بالدروس، والتخطيطات المرتبطة بالحصص الدراسية... لكن هل هذا كاف للحصول على تعليم صحيح؟ أو بالأحرى هل هذا ما يحتاجه الطفل ليصير مواطنا ناجحا في حياته الشخصية ومساهما في تنمية وطنه ومساهما في تقدم مجتمعه؟
موضوع قد يحتاج منا لمئات الأسطر وآلاف الجمل وملايين الكلمات للإحاطة به، لكن سنحاول من خلال هذا العمود تسليط الأضواء على بعض الجوانب المتحكمة في تعلم الطفل قبل تمدرسه وأثناءه، والمؤثرة على تحصيله ونجاحه، بعيدا عن المنهجيات والبيداغوجيات التي مل رجال التعليم من تعاقبها وتغييرها، واختار كل واحد منهم طريقته الخاصة في التعامل مع قسمه وتلامذته من حيث المضمون، لكنه يحرص كل الحرص على احترام قوانين وزارته واقتراحات رؤسائه من حيث الشكل.
لكي لا يجرنا الحديث إلى علاقة الأستاذ برؤسائه وقوانينهم، سنركز اليوم على علاقة الأستاذ بالتلميذ الذي يقضي سنوات في بيته ثم شهورا في الشارع وبعدها يلتحق بالقسم لكي ينخرط في مشروع بناء مواطن ناجح، حيث تُلقى على عاتق المربي مهمة إنجاح هذا المشروع ويتم تحميله كامل المسؤولية إذا قدر الله وانهار البناء التعليمي بهدر مدرسي أو انقطاع تعليمي أو تعثر تحصيلي، وكأن هذا المربي تسلم الرضيع من يوم خروجه من بطن أمه ليحاسب على كل كبيرة وصغيرة عاشها أو وصل إليها هذا الطفل.
لا أحد يشكك في مدى أهمية ما يكتسبه الطفل في سنواته الأولى وتأثيرها الكبير على تعلماته اللاحقة والمستقبلية، ومخطئ من يعتقد أن الطفل يلتحق بالمدرسة كصفحة بيضاء بإمكان المدرس أن يكتب عليها ما يشاء، وواهم من يظن أنه من السهل على المدرسة تصحيح المكتسبات الخاطئة القادمة من احتكاك الطفل بأقرانه في الشارع وأهله في البيت، وهذا ما يفرض على المهتمين بمجال الطفل والأسرة التفكير في طريقة مساعدة على تذليل الصعوبات التي تواجهها المدرسة.
لم نسمع في يوم من الأيام بوزارة من الوزارات التي تهتم بالطفل أن قامت بالتفاتة نحو آباء وأولياء هؤلاء الأطفال من أجل مساعدتهم على فهم سلوكات أبنائهم وكيفية التعامل معهم بشكل تربوي وتعلمي حتى يوضع تلاميذ الغد في السكة الصحيحة والسليمة قبل التجاقهم بالمؤسسات التعليمية، فللأسرة دور مهم في وضع اللبنات الأساسية لحياة الطفل وتعلماته، وهي من يملك صلاحية الكتابة على الصفحة البيضاء وتزيينها والمحافظة عليها، وتقوية أساس الشخصية وتهييئها قبل تسليمها إلى المدرسة من أجل بناء جدران العلم وسقف الأخلاق ونوافذ السلوكات وأبواب النجاح وركائز الدين.
فالآباء والأمهات في حاجة إلى تكوين مستمر إلى جانب رجال ونساء التعليم، لأن الكل يحمل هَمَّا واحدا تجاه طفل اليوم ورجل الغذ، هذا الهم هو تكوينه وتعليمه وإرشاده وفق مقاربات تربوية سواء داخل البيت أو المدرسة، مع عدم إغفال الشارع الذي يتوسط الاثنين والذي له من الآثار الإيجابية والسلبية ما قد تعجز أحيانا كل من المدرسة والبيت على تحقيق، وبالتالي فالطفل في حاجة إلى تأطير مدرسي وتتبع أسري حتى يصل الجميع إلى المبتغى، أما إذا تعلق الأمر بذوي الاحتياجات الخاصة فلابد من دخول جهات أخرى على الخط لمساعدة القطبين الرئيسين من أجل إيصال المعني بالأمر إلى بر الأمان عبر سفينة العلم وسط أمواج الحياة وعواصف الدهر.
من هذا المنطلق، وجب على المهتمين بإصلاح سكة التعليم إيلاء جميع المتدخلين الأهمية اللازمة كل حسب موقعه في التعامل مع الطفل وعدم التركيز على المدرسة دون الأسرة، فهذه الأخيرة تحتاج إلى أكثر مما يحتاجه المربي من تكوينات ومحاضرات وندوات، وهي في حاجة ماسة إلى مخططات عُشرية وعِشْرينية لوضعها في الصورة الحقيقية للحاجيات التربوية والتعليمية للطفل من اليوم الذي فتح فيه عينَيه، وذلك من أجل مساعدة المدرسة وعدم عرقلة سيرها، فاليد الواحدة لا تصفق، والمدرسة وحدها لا تبني، وكما يقال: هَادِمٌ واحِدٌ يَغْلِب تِسْعَةَ بُناةٍ، فَما بالُكَ بِبَانٍ واحِدٍ وراءه تِسْعَة هُدَّام؟ الاستاذ صالح الخزاعي | |
|